ان للضرائب الدولية مشهدً معقدً، حيث يلعب التسعير التحويلي دورا مركزيا لا غنى عنه، حيث ان تلك المعاملات والتي تنطوي على السلع أو الخدمات أو الملكية الفكرية داخل الشبكات الواسعة من الشركات المتعددة الجنسيات. والتي تتمثل مهمتها الأساسية في ضمان ان تكون تلك المعاملات بدقة بالمبدأ الأساسي المتمثل في السعر المحايد، وتقييمها كما لو أنها تمت بين كيانات مستقلة تمامًا. ولتحقيق هذا الهدف، تفرض العديد من البلدان قيود على الشركات كي تقوم بجدية بتجميع وتقديم وثائق التسعير التحويلي الشاملة إلى السلطات الضريبية الخاصة بها. ورغم أن هذه العملية قد تبدو متاهة للوهلة الأولى، الا انها توفر العديد من المزايا التي تعود بالنفع المتبادل على دافعي الضرائب والسلطات الضريبية. وسوف تتناول هذه المقالة مزايا تقديم وثائق التسعير التحويلي إلى السلطات الضريبية.
الالتزام باللوائح الضريبية
تتمثل إحدى المزايا الأساسية لتوفير وثائق التسعير التحويلي في دورها المحوري في مساعدة الشركات على الالتزام باللوائح الضريبية للجهات المختصة التي تعمل فيها. وتطلب غالبية السلطات الضريبية من الشركات متعددة الجنسيات الاحتفاظ بسجلات ووثائق شاملة تثبت طبيعة معاملاتها التجارية. ومن خلال تقديم هذه المستندات بشكل استباقي، لا تُظهر الشركات التزامها الثابت بالامتثال لقوانين الضرائب المحلية فحسب، بل تخفف أيضًا من مخاطر عمليات الفحص والتدقيق.
وفي بعض الحالات، كما هو الحال في مصر، قد تلجأ السلطات الضريبية إلى التقييمات التعسفية إذا لم يتم تقديم أدلة كافية. كما يتم فرض عقوبات على عدم تقديم الملف المحلي إلى مصلحة الضرائب المصرية خلال شهرين من تقديم الإقرار الضريبي، خاصة في حاله المعاملات مع الأطراف ذات العلاقة التي تتجاوز 8 ملايين جنيه مصري.
المزايا التي تعود على الإدارات الضريبية ودافعي الضرائب
هناك مزايا يمكن لكل من الإدارات الضريبية ودافعي الضرائب الحصول عليها عندما تتبنى الجهات الضريبية درجة من الاتساق في نهجها. ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذ متطلبات مماثلة لدراسات التسعير التحويلي والإقرارات المتطلبة، مما يسمح لدافعي الضرائب بتقديم الوثائق في شكل موحد، أو على الأقل جمع معلومات موحدة عبر جهات ضريبيه مختلفة، إلى تحقيق فوائد عديدة. ويمكن لهذا النهج أن يقلل بشكل ملحوظ من تكاليف الامتثال التي يتحملها دافعو الضرائب بينما يعمل في نفس الوقت على تعزيز مستويات الامتثال الشاملة. ويعمل إطار الملف الرئيسي والملف المحلي الذي تم إنشاؤه بموجب الإجراء 13 من مبادرة تآكل الوعاء ونقل الأرباح (BEPS) كنموذج لتسهيل هذا التنسيق. والأهم من ذلك، أن التكلفة الإضافية المرتبطة بتقديم ملف رئيسي في البلدان النامية يجب أن تكون في حدها الأدنى، حيث من المحتمل أن يكون هذا الملف موجودًا بالفعل داخل مجموعة الشركات المتعددة الجنسيات (MNE).
تعزيز مكانه الشركة
يمكن أن يؤدي تقديم وثائق تسعير التحويل إلى رفع مكانة الشركة في نظر السلطات الضريبية والمجتمع. حيث إنه بمثابة دليل ملموس على الشفافية والالتزام الثابت بالوفاء بالالتزامات الضريبية بما يتفق بدقة مع القانون. وفي عصر يتسم بتزايد المسؤولية الاجتماعية للشركات، يمكن أن يكون هذا الالتزام أصلاً قيماً يعزز صورة الشركة وقد يؤدي إلى معاملة تفضيلية من قبل الهيئات التنظيمية بالدولة.
الحد من التعرض لمخاطر عمليات الفحص والتدقيق
قد تحول تركيز السلطات الضريبية بشكل متزايد نحو مسائل التسعير التحويلي، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عمليات التدقيق في هذا المجال. الامر جعل التقديم الوقائي لوثائق التسعير التحويلي يمكّن الشركات من معالجة المخاوف المحتملة للسلطات الضريبية مسبقًا، مما يؤدي الي تقليل من احتمال اختيارها لمراجعة التسعير التحويلي. وهذا لا يحافظ على وقت الشركة الثمين ومواردها فحسب، بل يغرس أيضًا الثقة في معرفة أن سياسات التسعير الخاصة بها تتماشى بسلاسة مع المتطلبات الأساسية للجهات الضريبية .